استقبل الغزيون ببرود شهر رمضان المبارك، بسبب الظروف المعيشية المتدهورة في قطاع غزة من جهة، وارتفاع أسعار البضائع الرمضانية المتوافرة في الأسواق من جهة أخرى. وبدت أحياء القطاع التي تشهد ارتفاعا كبيرا في معدلات الفقر والبطالة كئيبةً وعديمة الحركة مع تصاعد الآثار الخطيرة للحصار الاقتصادي، في حين لم تزين المحال التجارية واجهاتها بالأضواء وفوانيس رمضان كعادتها في كل عام.
وتقول مقداد وهي تحاول شراء بعض الخضراوات، لـ'الجريدة': 'اضطررت إلى شراء بعض الحاجيات الأساسية لمائدة الافطار بسبب ارتفاع الأسعار'، وتضيف بحسرة 'لم أشتر أي صنف من اللحوم أو الحلويات لأطفالي واكتفيت ببعض الخضراوات'. وأشارت مقداد التي تعيل أسرة مكونة من ثمانية أفراد الى أن قائمة المشتريات طويلة، لكنها خفضت منها الكثير، خاصة الأجبان واللحوم لغلاء أسعارها بشكل مضاعف، وأضافت: 'حال التقشف أفضل من تراكم الديون لدى اصحاب المحال'.الغذاء قبل الفانوس
ولم تخف أم علاء التي كانت تشتري بعض حاجيات شهر رمضان برفقة أصغر اطفالها حزنها، لأنها لا تستطيع شراء فانوس رمضان بسبب نقص المال. وقالت: 'لم نمر بمثل هذه الأحوال، الناس حُزَناء وأغلبيتهم يفضلون شراء الغذاء على فانوس الأطفال'.
ويثير مؤشر البطالة والفقر في القطاع الرملي، الفزع في النفوس، إذ بلغ معدل البطالة مع دخول الحصار الإسرائيلي عامه الرابع، 65 في المئة، بينما قفز معدل الفقر الى 80 في المئة.
ويتساءل موظف حكومي، يعيل أسرة مكونة من ستة أفراد، باستغراب، 'هل يعقل أن يصل كيلو البندورة الى 5 شياكل، والليمون 8؟'، ويضيف: 'يبدو التحكم في الأسواق أمرا صعبا'، مشيرا في ذات الوقت، الى الأسر التي نجحت في تخزين السلع الضرورية وحاجات رمضان قبل أشهر، خوفا من سقوطها في مضاربات الأسعار.بضائع ليست للمس
ويخيم ركود تجاري على الاسواق منذ عدة أشهر، خصوصا بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، ما دفع التجار الكبار الى خفض الكثير من مستلزمات هذا الشهر، وعدم استيراد كميات كبيرة، خوفا من فساد بضائعهم، وتكبيدهم خسائر باهظة. وأشار تاجر جملة في سوق الزاوية، الى أنه اكتفى بشراء بعض السلع الرمضانية لدرايته بالوضع الاقتصادي السيئ، معربا عن تذمره من جراء الضربات الموجعة التي تلقتها تجارته خلال أكثر الأشهر نشاطا للحركة الشرائية.
ويقول البائع محمود، وهو في العشرينيات من عمره، لـ'الجريدة' أثناء عرض بعض التمر المستورد لأحد زبائنه: 'إقبال الناس على شراء المواد الغذائية الخاصة بشهر رمضان شحيح جدا'، ويضيف بتذمر: 'الكثير من الناس يسألون عن ثمن السلعة قبل لمسها'. 'القطايف'
وضاقت الأسواق والشوارع بباعة الحلويات، خاصة 'القطايف' الذين فرضهم الوضع الاقتصادي المتردي، على أمل الحصول على بعض نفقات هذا الشهر الكريم. وقال العم أبو لؤي الذي يرتدي 'مريولا' أبيض ويصيح بأعلى صوته لجلب الزبائن، لـ'الجريدة': ' القطايف حلوى رمضان الرئيسية، وما في بيت إلا بشتري قطايف'، معربا عن أمله أن يساعده بيع القطايف على تأمين نفقات عائلته خلال الشهر الكريم.